إعلان أفقي

الأحد، 1 سبتمبر 2013

إذا أراد المجتهد أن يقلد مجتهدا آخر مع سعة الوقت وإمكان الاجتهاد

Posted by mounir  |  at  سبتمبر 01, 2013


أولا: صورة المسألة

إذا أراد المجتهد تقليد غيره من المجتهدين في الأحكام، مع سعة الوقت وإمكان الاجتهاد، فهل له أن يقلد مجتهدا آخر من غير الصحابة، أم لا يجوز له ذلك ؟

ثانيا: تحرير محل النزاع

إذا بلغ المكلف رتبة الاجتهاد، وعنت له نازلة، فلا يخلوا الأمر إما أن يكون قد اجتهد في المسألة ووضح في ظنه وجه الصواب، فحينها لا يجوز له تقليد غيره بلا خلاف، فإن حكم بخلاف ظنه فقد أثم وإن كان اجتهادا لغيره، وهذه الصورة الأولى ليست من محل الخلاف هنا في شيء. أما إن لم يكن قد اجتهد فيها بعد، فقد اختلفوا في جواز تقليده لمجتهد آخر على مذاهب[1]، وهذه الصورة الأخيرة هي محل الخلاف بين الإمامين هنا.  

ثالثا: مذاهب العلماء في المسألة

أ – رأي القاضي ( الجمهور )
ذهب القاضي إلى منع تقليد العالم المجتهد لعالم مجتهد مثله مطلقا، قال في "التلخيص": « الذي نختاره منع التقليد»[2]، وقال: « ... بطل كون قول العالم حجة في حق عالم مثله »[3].
وإليه ذهب أكثر الفقهاء وجمع من الأصوليين[4]، وهو الرأي عند مالك[5]، والشافعي[6]، والصحيح من قول الإمام احمد[7] وأبو يعلى الفراء[8]، والشيرازي[9]، والسمعاني[10]، والغزالي[11]، والرازي[12]، والآمدي[13]، والقرافي[14]، وابن رشيق المالكي[15]، والبيضاوي[16]، وابن الحاجب[17]. وغيرهم كثير حتى صح أن يدعى أنه مذهب الجمهور.
ب – مذهب الإمام
توقف إمام الحرمين في هذه المسألة ولم يبد فيها رأيا واضحا، حيث أومأ إلى التردد في القول فيها وجعل الخوض فيها في مظلة الاجتهاد[18]. وقد نسب إليه الزركشي القول بالوقف[19].
ج – باقي المذاهب
لقد تفرعت المذاهب والأقوال في هذه المسألة، حتى أوصلها السبكي في "الإبهاج" إلى ثمانية أقوال، بينما زاد الزركشي ثلاثة أقوال أخرى فأوصلها إلى أحد عشر قولا، منها:
الثالث: الجواز مطلقا، ونسب إلى سفيان الثوري وإسحاق وأحمد[20]. وفي نسبته إلى الإمام أحمد نظر، وقد سبق التنبيه إلى ذلك عند حديثنا عن مذهب القاضي.
الرابع: يجوز تقليد الصحابة فقط.
الخامس: يجوز تقليد الصحابة والتابعين دون غيرهم.
السادس: يجوز تقليد العالم لمن هو أعلم منه، ولا يجوز لمساويه ومن دونه. وهو مذهب محمد بن الحسن.
وهناك عدة أقوال ومذاهب فرعية أخرى  في المسألة، تطلب من مصادرها الأصلية[21].


[1]  - أنظر المنتهى ص: 216، والمحصول 6/83، والإحكام للآمدي 4/247، وشرح التنقيح ص: 348، والإبهاج 3/271، والبحر المحيط 6/285.
[2]  - التلخيص 3/435.
[3]  - التلخيص  3/441.
[4]  - أنظر المنتهى ص: 216، والإبهاج 3/271، وجمع الجوامع ص: 121، والبحر المحيط 6/285.
[5]  - أنظر شرح التنقيح ص: 348.
[6]  - أنظر التلخيص 3/434، والبرهان 2/876.
[7]  - قال أبو داود: قلت للأحمد: « الأوزاعي هو أتبع من مالك ؟ قال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فخذ به ...». مسائل الإمام أحمد برواية التمار عن أبي داود ص: 277.
[8]  - أنظر العدة 4/1229.
[9]  - أنظر شرح اللمع 2/1012.
[10]  - أنظر قواطع الأدلة 5/100.
[11]  - أنظر المستصفى 2/385.
[12]  - أنظر المحصول 6/83.
[13]  - أنظر الإحكام للآمدي 4/248.
[14]  - أنظر شرح التنقيح ص: 348، والذخيرة 1/148.
[15]  - أنظر لباب المحصول 2/731.
[16]  - أنظر الإبهاج 3/269.
[17]  - أنظر المنتهى ص: 216.
[18]  - أنظر البرهان 2/877.
[19]  - أنظر البحر المحيط 6/288.
[20]  - نسب إليه القول بالجواز كل من الشيرازي في "شرح اللمع" 2/1013، والغزالي في "المستصفى" 2/384، والآمدي في "الإحكام" 4/247، والسبكي في "الإبهاج" 3/271، والقرافي في "شرح التنقيح" ص: 348، والرازي في "المحصول" 6/83.
[21]  - أنظر هذه الأقوال وغيرها في الإبهاج 3/271، والبحر المحيط 6/285-288.

شارك المقال:
الكاتب

اسم الكاتب هنا ..

0 التعليقات:

المتابعون

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الرجوع للأعلى