إعلان أفقي

الأحد، 28 أبريل 2013

حد الردة بين المهاترات والمغالطات العلمية

Posted by mounir  |  at  أبريل 28, 2013

بسم الله الرحمان والرحيم
كثر الحديث مؤخرا على فتوى المجلس العلمي الأعلى التي تضمنت حد المرتد في الإسلام بين منتصر ومعارض، مناقش ومستهتر، مصرح ومدار...، كل يدلي بدلوه ويقول بقوله انطلاقا من إيديولوجيته التي تربى عليها وآمن بها.
والعجيب في الأمر أن هذه المهاترة قد حملت في طياتها العديد من المغالطات العلمية التي ما كانت أن تقع لو أن الموضوع ينتمي إلى حقل آخر غير حقل العلوم الشرعية، وبما أن هذه الأخيرة ليس عليها رقيب، ولا حرس يدودن عن حماها فقد صارت مرتعا لمن هب ودب، فالكل أمسك قلمه أو وضع الحاسوب أمامه وأخذ حظه من هذه المأدبة الدسمة فأتت الأقلام بالعجائب، ودونت الصحف الكثير من الغرائب التي لم يسبقهم إليها أحد من الإنس ولا الجن...
وليس الغريب أن يردد هذه المغالطات بعض حدثاء الأسنان ممن يبحثون عن موقع لهم في خريطة الكتاب في المغرب، لما بينهم وبين العلوم الشرعية من القطيعة، ولكن الطامة أن يردد بعض المنتسبين للعلم مثل هذه الترهات على أنها حقائق علمية قطعية دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتنقيب في كتب العلماء الذين خاضوا غمار الحديث في الموضوع قديما وحديثا، وهذه والله هي قاصمة الظهر التي ليس لها عاصمة إلا العودة إلى البحث العلمي المتجرد، والاجتهاد العاري عن التقليد، والرجوع إلى المصادر الأصلية دون أخذ العلم عن الوسائط خاصة إذا كانوا من غير ذوي الاختصاص.
ومن بين تلك المغالطات التي كثر الحديث عنها وترديدها زعمهم أن حد الردة ثبت بالسنة القولية للنبي صلى الله عليه وسلم دون العملية، وأن الأحاديث القولية مقيدة بالخروج عن الجماعة والخيانة، بالإضافة إلى أنه لم يرد ذكره في القرآن الكريم بالتصريح أو الإشارة ولو كان حكما قطعيا لجاء بدليل قطعي، وأن حديث الباب قد ورد في مسلم دون البخاري عن راو ينتحل مذهب الخوارج كما زعموا -  في إشارة إلى عكرمة مولى ابن عباس -
وكم وددت لو أني صرخت في وجوه الجميع - ممن تكلموا في الموضوع من أبناء الحركات الإسلامية والمنتمين للحقل الدعوي بالخصوص- أن اصمتوا من فضلكم ولا تتكلموا فإنكم عن ما تقولون وتتحدثون به مسؤولون، وللخلاف موسعون، وكيف لا وقد قيل: لو سكت من لا يعلم لقل الخلاف.
إن مثل هذه المحن تظهر عوار الكثير من أبناء الأمة، ممن ينتسبون للحركات الإسلامية الذين يشعرون بحرج من بعض الأحكام الشرعية- وأنا لا أميز هنا بين فصيل وآخر، كما أنني لا أعمم أيضا -، فيوافقون بذلك العلمانيين في مقالاتهم وبهم يتغزلون، لعلهم يبلغوا عندهم درجات القبول، ولكن هيهات هيهات من حصول ما إليه يطمحون، فلو بدلوا الغالي والنفيس، وأسقطوا عرى الإسلام عروة عروة ما رضوا عنهم إلا أن يبدلوا دينهم وينسلخوا عنه بالكلية، وأصل المشكل في اعتقادي يعود إلى ضعف التربية الشرعية لدى هؤلاء، وتشربهم للإيديولوجيات الفلسفية والفكرية الحديثة، التي تنطلق مما يطلق عليه بالقيم الحقوقية الإنسانية أو الكونية، وتأثرهم بوسائل الإعلام المكتوبة والسمعية والمرئية، وخوفهم من أن ينعتوا بالظلاميين أو الإرهابيين أو المتطرفين كما فعل بمن انتصروا لهذه الفتوى وقالوا بمقتضى ما ظهر إليهم من أدلة شرعية.
وبعد هذه المهاترات والمغالطات أقول ردا عليها بكل ما أوتيت من قوة: إن حكم الردة ثابت بدلالة القرآن والسنة القولية والفعلية والتقريرية والإجماع المنعقد من لدن الصحابة والتابعين والأئمة المهديين، وأن دلالة اللغة تحيل قصد الخيانة من حديث « التارك لدينه المفارق للجماعة »، كما أن رواية مسلم للحديث بسند صحيح تغني عن ذكره عند غيره من المحدثين- رغم أن هذه الدعوى لا تحتاج إلى رد لأنها تقدح في علم قائلها -، وأن عكرمة مولى ابن عباس ثقة تقبل روايته عند جمهور بل أغلب المحدثين، وعلى فرض ضعف عكرمة فإن الحديث قد ورد من طرق أخرى غير طريقه.
فيا أيها المتصدرون للفتوى، وأيها الموقعون عن شريعة رب العالمين، وأيها الباحثون عن مقعد في سلم الكتاب والمشاهير،أربعوا على أنفسكم، وتمهلوا ولا تتعجلوا، وابحثوا قبل أن تتكلموا، ونقحوا قبل أن تكتبوا فإنكم تسيئون إلى الإسلام من حيث لا تدرون، وتعتقدون أنكم بأعمالكم هذه ستصلحون... فهل أنتم يا عباد الله منتهون.
وفي الختام أود الإشارة إلى أنني لم أورد البراهين على رد تلك المغالطات لأن المقال مختصر لا يحتمل الإطالة في إيراد الأدلة، ومن شاء أن يتوسع أكثر فليبحث في المدونة أسفله عن موضوعين لكاتب هذه السطور نفسه، أحدهما بعنوان: "الدليل على قتل المرتد من القرآن والسنة الفعلية للنبي العدنان"، وآخر بعنوان: "زفرات الأقلام في رد مغالطات عبد الرحيم العلام".

بقلم: منير المرود

شارك المقال:
الكاتب

اسم الكاتب هنا ..

هناك تعليق واحد:

  1. أولا العذاب ليس هو القتل ألم تسمع بقول سليمان في القرءان عن الهدهد لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه فدل ذلك على أن العذاب شيء والقتل شيء آخر أي أن العذاب يكون مع ابقاء الحياة فالموت ليس عذابا إذ لا يتعذب الميت وعليه فإن غاية دليلك القرءاني على العقوبة الدنيوية للمرتد هي جزاء خلاف القتل أي دون القتل في أسوأ الأحوال والله تعالى هو الذي يتولاه وليس ولي الأمر فلا تفتي في الناس يا أخي من غير علم حتى بمعاني المفردات القرءانية فالقرءان دقيق في أسلوبه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يصح أن ننسب للقرءان معنى يسخر منه ذوو الألباب فكل فطن يقول لك كيف تعذب الشخص وقد قتلته وكما يقول المثل الشاة لا يضيرها السلخ بعد الذبح والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.

    ردحذف

المتابعون

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الرجوع للأعلى