إعلان أفقي

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الرد الوافي على مقالات أحمد كافي حول الردة / الجزء الأول

Posted by mounir  |  at  أبريل 22, 2020


الجزء الأول: المقدمات الممهدات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا، وبعد:
فلا تزال حصون الشريعة تهاجم من طرف أعداء الإسلام والمتربصين به، وكلما نبتت نابتة من هؤلاء المشككين قيد الله لها من يدمغها بالحق فتزهق وتخنس، وتبقى حجة الله بالغة شامخة كعادتها في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة.
ولئن كان الطعن في شريعة الرحمان يشق على البعض، ويحدث تأثيرا بالغا عليهم إن كان من أطراف خارجية تكن العداء للإسلام والمسلمين، فإن نقض عرى الإسلام من الداخل أنكى وأشد، وتأثيره أقوى وأعظم، خاصة إذا كان ممن ينتسبون لحقل الشريعة والدعوة والتدريس.
وفي هذا الصدد اطلعت على ما كتبه شخص يدعى " أحمد كافي " حول حد الردة في الإسلام، فوجدت الرجل بعيدا كل البعد عن التأصيل الشرعي، غارقا في التناقض، سليط اللسان، هجوما على المخالف، منتقصا من المعارض، متعالما، قليل الزاد، كثير الأنا، ضعيف البضاعة العلمية إلى حد يبعث على الدهشة ... فيا ليت شعري كيف يجرؤ مثله على خوض هذا الخضم الواسع، والبحر الشاسع وهو لم يبلغ بعد شأو الباحثين المحققين، بل قد لا أبالغ إن قلت إنه لم يصل بعد إلى رتبة المقلدين ... !!
وبناء على ذلك، كتبت هذا الرد العلمي المختصر ـ على عجالة ـ، لدفع شبهات هذا المدون، وبيان ضعف زاده، وتقليده لغيره دون أمانة علمية، وتشبعه بما ليس فيه، وأنا هنا لن أعمد في الغالب إلى بيان حكم الله تعالى في هذه النازلة إلا اضطرارا، فكتب الفقه الزاخرة قد أغنتنا عناء تكلف ذلك، وتراثنا المجيد خلد لنا أقوى الأدلة والبراهين على ثبوت هذا الحكم نصا وإجماعا، فكيف لعاقل أن يترك قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الهدى رحمهم الله، وقبلهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وبعدهم التابعون وتابعوهم ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية حتى انعقد الأمر إجماعا لا ينخرم، ثم يتبع قول من جاء بعدهم في قرون الانحطاط والتخلف الفكري قبل العلمي !! (أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ).
لذا فإني سأحاول قدر المستطاع أن أجعل الرد مركزا تركيزا دقيقا يميل إلى الاختصار دون الإخلال إلا إذا اقتضى المقام مزيدا من البيان والتوضيح والتفصيل، كي يسهل قراءة هذه الردود وفهمها بأسلوب يميل إلى تفكيك الشبهة، والوقوف على أصلها، ثم الرد عليها وبيان بطلانها.
1 ـ ما الغاية من إثارة هذا الموضوع ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقول متسائلا بنفس الطريقة التي تساءلت فيها سابقا عن الجدوى مما كتبه أحد منكري الجزية :
هل هذا الزمان مناسب لمثل هذه المواضيع التي قتلت بحثا في كتب الفقهاء ؟، وهل المكان ـ الفيسبوك ـ مناسب لعرضها أمام الملأ ممن لا علم لهم ولا فقه ؟، ما هدفك من إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت ؟، فهل طبقت الشريعة، وحكمت وسادت، واستحكم العدل، وزال الظلم، ولم يبق لنا منها إلا حد الردة فنناقشه ؟، وهل نادى أحد الفقهاء أو المنتسبين إلى العلم في المغرب أو غيره بتطبيق هذا الحد على المرتدين حتى تثور ثائرتك بهذا الشكل الغريب ؟
2 ـ تحرير محل النزاع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينحصر محل النزاع بيننا في حكم المرتد، وهو المسلم الذي أعلن تركه للإسلام عن طواعية، لا عن الكافر الأصلي، ولا عن المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر دون إظهار ما يدل على باطنه.
قال القرافي في الذخيرة معرفا "الردة" 12 / 13: (عبارة عن قطع الإسلام من مكلف ـ وفي غير البالغ خلاف ـ إما باللفظ أو بالفعل كإلقاء المصحف في القاذورات ) اهـ، ويقيد هذا القطع بأن يكون طوعا كما فعل ابن جزي في "القوانين الفقهية" ص: 239 حيث قال: ( أما المرتد فهو المكلف الذي يرجع عن الإسلام طوعا إما بالتصريح بالكفر وإما بلفظ يقتضيه أو بفعل يتضمنه ). وانظر مختصر خليل ص: 238.
واعلم أن تحديد محل النزاع بيننا أمر هام جدا ومركزي في رد كثير من الآيات التي استدل بها صاحبنا فرحا ومنتشيا ومقلدا لغيره دون أمانة علمية، فعض على هذا الأصل بالنواجذ، وتذكر أن تحرير محل النزاع يقرب المسافات، ويعجل برد الشبهات.
3 ـ التصور الحقيقي للمسألة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 بعد تحديد محل النزاع، وبيان أننا نتحدث عن المسلم المرتد التارك لدينه، فهل يمكن أن نتصور في الواقع المعيش مرتدا معلوم الردة مسالما لا يقدح في الدين، ولا يكيد للمسلمين، ولا يشكك في القرآن والسنة، ولا يرجف في المدينة، ولا يطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟
فالردة غالبا ( وأقول ذلك على سبيل الملاحظة ) تكون ملازمة للحرابة والتشكيك في الدين والطعن فيه، والمشتغلون بملف الإلحاد مثلا، قد أعيتهم خرجات الصبية من شذاذ الآفاق، والباحثين على الشهرة، والراغبين في شيء من متاع الدنيا  وحطامها، الذين لا يشغلهم بعد إعلان ردتهم إلا الإسلام وأهله ... قدحا، وسبا، وانتقاصا، وكذبا، وتسفيها، وتزويرا ... فهل أمثال هؤلاء أيضا لا يشملهم الحكم ؟؟!!
سنرى ... !!!
4 ـ هل يمكن حقا أن يرتد المسلم ملحدا أو يهوديا أو نصرانيا عن قناعة وجدانية ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(  من الصعوبة بمكان أن يرتد مسلم عن الإسلام إلى النصرانية، كما أنه من الصعوبة بمكان أن يرتد طالب جامعى إلى التعليم الابتدائى، أو يتحول عالم ذرة إلى العمل بمعبد هندوكى!!.
إن المستوى الذي يبلغه المسلم في مجال العقيدة، ومعرفة الله؟ يتجاوز بمراحل شاسعة المستوى الديني الذي يقف عنده اليهود والنصارى ! ) من كتاب "صيحة نذير" ص: 98 للشيخ محمد الغزالي.
قلت: والشيخ الغزالي رحمه الله لا يتحدث هنا عن الوقوع الفعلي، فلا شك أن هذا الأمر حاصل في الواقع منذ القدم، ولكنه يقصد الوقوع الوجداني الذي ينبني عن قناعات علمية ترسخت لدى الشخص كي تجعله يرتد عن الإسلام إلى غيره من الملل الباطلة... فمن عرف الإسلام حقا، يستحيل أن يرتد عنه عن قناعة، فلا يقع ذلك منه إلا عن هوى وتشهي.
5 ـ من يطبق حد الردة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أعلم خلافا بين الفقهاء أن القصاص والحدود، لا يقيمها إلا السلطان أو من ينوب عنه، قال القرطبي في تفسيره 2 / 245: (لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك ... ) اهـ.
وقال البهوتي في ( كشاف القناع عن متن الإقناع ) 6 / 175 : (ولا يقتله إلا الإمام أو نائبه حرا كان المرتد أو عبدا) لأنه قتل لحق الله تعالى فكان إلى الإمام أو نائبه كقتل الحر ... (وإن قتله) أي المرتد (غيره) أي غير الإمام ونائبه (بلا إذنه أساء وعزر) ).
6 ـ ملاحظات بين يدي البحث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ ـ تعالم أحمد كافي
ــــــــــــــــــــــــــــ
إن الملاحظة الأولى التي يمكن أن يستشفها المطلع على تدوينات الرجل في الموضوع ـ وهي سمة عامة في كل مشكك في الأحكام القطعية للدين ـ هي القدر الكبير الذي يتمتع به من الكبر والتعالي والأنا، وفيما يلي نماذج من كلامه الدال على ذلك:
ـ وإني بحمد الله تعالى لا أتكلم في موضوع إلا بعد أن أشبع فضولي العلمي فيه، يجعلني أتحرز من سهام المقلدة أو ممن لا علم له بما يقول.
 ( قلت ( منير المرود ): سننظر هل قائل هذا الكلام مقلد لا يعلم ما يقول، أم أنه مجتهد مأجور ؟؟!! )
ـ ولا تلبس عجزك لغيرك، فإن لم تجد، فقد أعلمتنا أنك عاجز، ولا حجة لناف على مثبت
ـ ، فإنا له شاكرون إن نبهنا إليها. ولا يذهبن إلى التأويل، فإنه كما يحق لك أن تقول في الآية حسب فهمك، فلن يحق لك أن تمنع غيرك من التأويل المخالف لتأويلك الذي ارتضيته لنفسك.
ـ أما الآية فعلى الرأس والعين، وأما تأويلكم فمن ألزمني شرعا أن أصير إلى تأويلكم وأدع تأويلي؟
ـ وعندي أنهما بحمد الله لا يتعارضان، ولكن قاتل الله العجلة، واستحمق في دائرتها المستعجلون
ب ـ شدته مع المخالف:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتسم أسلوب "كافي " في معرض بيانه لرأيه في الموضوع بالشدة مع المخالف، والقدح في علم كل من يعارضه فيما ذهب إليه، والانتقاص من شأنه، وهذه جملة من عبارته المنتقاة الدالة على صدق هذه الدعوى:
ـ لازلت اقرر وأؤكد أن الجهل يفعل بالناس الأفاعيل
ـ أتحرز من سهام المقلدة أو ممن لا علم له بما يقول.
ـ والجواب عندي صريحا أنهم ينطلقون من الثقافة العامة التي اكتسبوها من السماعات، ولم يكابدوا أوجاع البحث والتنقيب.
ـ ما أحمق هؤلاء وتفكيرهم
ـ إن هذه الآيات العديدة قد نسخت بآية السيف كما هو قول النساخين المساخين؟
ـ ولكن قاتل الله العجلة، واستحمق في دائرتها المستعجلون
ـ ولا تلبس عجزك لغيرك، فإن لم تجد، فقد أعلمتنا أنك عاجز، ولا حجة لناف على مثبت
ـ أرثي لحالك عندما تستنجد بالآخرين، ولن أستنجد بنظرائهم لأنها ليست صنيع العقلاء.
ـ وهم المعنيون بقول ابنة الصديق: مثلك مثل الفروج، يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها.
       ـ اللي كيحسم، ما كيحشم. أي أن الذي يحسم في الأقوال، لا يستحيي. ومن كان هذا طبعه، فليفعل ما يشاء.
قلت ( منير ): وقد حسمت في المسألة بغير دليل، فحاق بك هذا الوصف يا مسكين!!
يتبع إن شاء الله

شارك المقال:
الكاتب

اسم الكاتب هنا ..

0 التعليقات:

المتابعون

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الرجوع للأعلى