اعلم رحمك الله أن الناس قد اختلفوا فيما استقر عليه مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري، وكذلك اختلفوا في الأطوار التي مر بها.
وهم وإن كانوا متفقين على أنه قد ترك الاعتزال وتبرأ منه، فإنهم لم يميزوا حقيقة ما استقر عليه مذهبه بعد رده على شيخه الجبائي.
لكن المتفق عليه أيضا أنه كان لبرهة من الزمن على طريقة ابن كلاب في العقيدة والأسماء والصفات، ثم اختلفوا بعد ذلك: هل رجع عنها رجوعا كاملا ؟ أم أنه استقر عليها ؟ أم أنه خلط بينها وبين مذهب السلف ؟
1 ـ مرحلة ابن كلاب: واتباعه له واضح من خلال كتابي اللمع ورسالة إلى أهل الثغر اللذان يدلان على حضور التأويل ونفي الصفات الاختيارية قطعا.
2 ـ مرحلة الإبانة: اختلف الناس في كتاب الإبانة على أقوال:
أ ـ من نفى نسبة الكتاب إليه: وهؤلاء لا يلتفت إليهم لأن منطلقهم العصبية العمياء.
ب ـ من يرى أن رجوعه إلى مذهب السلف كان رجوعا كاملا بعد أن تبرأ من مذهب المتكلمين، معتمدين في ذلك على نصوص عامة من كتبه الإبانة، حيث يصرح بانتسابه إلى ما عليه الصحابة والتابعون وأئمة أهل الحديث والإمام احمد .
كما أنه في كتابه " مقالات الإسلاميين " ـ وهو من كتبه المتأخرة كان يفرق بين مقالات أهل الحديث ومقالات ابن كلاب، وكان ينسب نفسه لأهل الحديث... وهذا هو اختيار ابن كثير رحمه الله .
ج ـ من يرى أنه بقي على مذهب ابن كلاب ومنهم ابن حزم و وابن أبي العز وابن تيمية رحمهم الله.
قال ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" قال: ( وأبو الحسن الأشعري لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كلاب، ومال إلى أهل السنة والحديث، وانتسب إلى الإمام أحمد، كما قد ذكر ذلك في كتبه كلها، كالإبانة والموجز والمقالات وغيرها، وكان مختلطا بأهل السنة والحديث كاختلاط المتكلم بهم ).
واعلم أن ابن تيمية رحمه الله يرى أن مقالات الأشعري في الإبانة لم تتغير تغيرا جذريا عن سابقاتها، بل قد أقر في كتابه منهاج أهل السنة النبوية أنه بقي متأثرا بكلام المعتزلة في الصفات، فقال: 2 / 227 ـ 229 : (وَهَذَا مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي بَقِيَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ مِنْ بَقَايَا كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُ خَالَفَ الْمُعْتَزِلَةَ لَمَّا رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ فِي أُصُولِهِمُ الَّتِي اشْتُهِرُوا فِيهَا بِمُخَالَفَةِ [أَهْلِ] السُّنَّةِ كَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِثْبَاتِ الْقَدْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ " الْمَقَالَاتِ " أَنَّهُ يَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ .
وَذَكَرَ فِي " الْإِبَانَةِ " أَنَّهُ يَأْتَمُّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.... وَاحْتَجَّ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ بِمُقَدَّمَاتِ سَلَّمَهَا لِلْمُعْتَزِلَةِ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ، فَصَارَتِ الْمُعْتَزِلَةُ [وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ] يَقُولُونَ : إِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ ، وَإِنَّ هَذِهِ بَقِيَّةٌ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ ) اهـ .
ومع ذلك نجد أن ابن تيمية رحمه الله يثني في مواطن أخرى من مصنفاته على كتاب " الإبانة"، والظاهر والله أعلم أنه يعتبر القائلين بما فيه على خير كثير وفضل كبير نظرا لأنه أثبت الصفات الخبرية... مع ما فيه من مخالفة لمذهب السلف في مسائل خاصة: كالقدرة، والاستطاعة فيما يحظرني الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ حافظ الحكمي قد خطأ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في رأيهما في الأشعري، واعتبر أنه رجع إلى مذهب السلف بناء على تصريحه بذلك في كتابه الإبانة.
هذا ملخص أقوال العلماء في حقيقة ما انتهى إليه مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله... وبه يفهم قول ابن تيمية رحمه الله حينما ينسب إليه كلاما مخالفا لما يعتقده البعض أنه من مذهبه.
وهم وإن كانوا متفقين على أنه قد ترك الاعتزال وتبرأ منه، فإنهم لم يميزوا حقيقة ما استقر عليه مذهبه بعد رده على شيخه الجبائي.
لكن المتفق عليه أيضا أنه كان لبرهة من الزمن على طريقة ابن كلاب في العقيدة والأسماء والصفات، ثم اختلفوا بعد ذلك: هل رجع عنها رجوعا كاملا ؟ أم أنه استقر عليها ؟ أم أنه خلط بينها وبين مذهب السلف ؟
1 ـ مرحلة ابن كلاب: واتباعه له واضح من خلال كتابي اللمع ورسالة إلى أهل الثغر اللذان يدلان على حضور التأويل ونفي الصفات الاختيارية قطعا.
2 ـ مرحلة الإبانة: اختلف الناس في كتاب الإبانة على أقوال:
أ ـ من نفى نسبة الكتاب إليه: وهؤلاء لا يلتفت إليهم لأن منطلقهم العصبية العمياء.
ب ـ من يرى أن رجوعه إلى مذهب السلف كان رجوعا كاملا بعد أن تبرأ من مذهب المتكلمين، معتمدين في ذلك على نصوص عامة من كتبه الإبانة، حيث يصرح بانتسابه إلى ما عليه الصحابة والتابعون وأئمة أهل الحديث والإمام احمد .
كما أنه في كتابه " مقالات الإسلاميين " ـ وهو من كتبه المتأخرة كان يفرق بين مقالات أهل الحديث ومقالات ابن كلاب، وكان ينسب نفسه لأهل الحديث... وهذا هو اختيار ابن كثير رحمه الله .
ج ـ من يرى أنه بقي على مذهب ابن كلاب ومنهم ابن حزم و وابن أبي العز وابن تيمية رحمهم الله.
قال ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" قال: ( وأبو الحسن الأشعري لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كلاب، ومال إلى أهل السنة والحديث، وانتسب إلى الإمام أحمد، كما قد ذكر ذلك في كتبه كلها، كالإبانة والموجز والمقالات وغيرها، وكان مختلطا بأهل السنة والحديث كاختلاط المتكلم بهم ).
واعلم أن ابن تيمية رحمه الله يرى أن مقالات الأشعري في الإبانة لم تتغير تغيرا جذريا عن سابقاتها، بل قد أقر في كتابه منهاج أهل السنة النبوية أنه بقي متأثرا بكلام المعتزلة في الصفات، فقال: 2 / 227 ـ 229 : (وَهَذَا مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي بَقِيَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ مِنْ بَقَايَا كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّهُ خَالَفَ الْمُعْتَزِلَةَ لَمَّا رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِمْ فِي أُصُولِهِمُ الَّتِي اشْتُهِرُوا فِيهَا بِمُخَالَفَةِ [أَهْلِ] السُّنَّةِ كَإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِثْبَاتِ الْقَدْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ " الْمَقَالَاتِ " أَنَّهُ يَقُولُ بِمَا ذَكَرَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ .
وَذَكَرَ فِي " الْإِبَانَةِ " أَنَّهُ يَأْتَمُّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.... وَاحْتَجَّ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ بِمُقَدَّمَاتِ سَلَّمَهَا لِلْمُعْتَزِلَةِ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ، فَصَارَتِ الْمُعْتَزِلَةُ [وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ] يَقُولُونَ : إِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ ، وَإِنَّ هَذِهِ بَقِيَّةٌ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ ) اهـ .
ومع ذلك نجد أن ابن تيمية رحمه الله يثني في مواطن أخرى من مصنفاته على كتاب " الإبانة"، والظاهر والله أعلم أنه يعتبر القائلين بما فيه على خير كثير وفضل كبير نظرا لأنه أثبت الصفات الخبرية... مع ما فيه من مخالفة لمذهب السلف في مسائل خاصة: كالقدرة، والاستطاعة فيما يحظرني الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ حافظ الحكمي قد خطأ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في رأيهما في الأشعري، واعتبر أنه رجع إلى مذهب السلف بناء على تصريحه بذلك في كتابه الإبانة.
هذا ملخص أقوال العلماء في حقيقة ما انتهى إليه مذهب أبي الحسن الأشعري رحمه الله... وبه يفهم قول ابن تيمية رحمه الله حينما ينسب إليه كلاما مخالفا لما يعتقده البعض أنه من مذهبه.
0 التعليقات: