بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه تتمة الجزء الأول من التحبير، حيث قمت بتجزيئه إلى قسمين لصعوبة نشره في المدونة دفعة واحدة.
والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه تتمة الجزء الأول من التحبير، حيث قمت بتجزيئه إلى قسمين لصعوبة نشره في المدونة دفعة واحدة.
الدرس الثاني:
درس في تهاون الشيخ الحويني:
قلت: ليتك يا شيخ اعترفت بتقصيرك ولم تلو عنق الحقيقة بكلام لا زمام
له ولا خطام، فقد أطلت الحديث دون فائدة تذكر، وكان بإمكانك أن تعترف وتقر بقصورك
وتهاونك في نسبة القصور في تخريج حديث علي رضي الله عنه للشيخ الحويني دون أن
تتورط مرة أخرى في الأخطاء الفادحة / الفاضحة التالية:
السقطة الأولى:
قال شخي: (وما دام كتاب "النافلة" سابقا على
"الفضائل"، فالرجل كان مقصّرا لا يعرف حديث مولانا علي رغم أنه في مسند
أحمد وسنن الترمذي، فلا عذر له إلا التهاون والتقصير.)
هذا الكلام منك لا يستحق التعليق لكونه خارج إطار التاريخ
والجغرافيا، "فالرجل كان مقصرا لا يعرف حديث مولانا علي"، وأنت كنت
مقصرا لا تعرف أنه خرجه في كتاب "الفضائل" لابن كثير ...، فمن ذا الذي
يسلم من التقصير إذا حسب منطقك هذا!، سبحانك ربي كيف يضل التعصب أصحابه.
فنحن نتحدث عن تاريخ وزمن وساعة كتابتك أنت للمقال، هل نجد للشيخ
الحويني كلاما عن حديث علي يدل على معرفته به أم لا، فإن وجد فإنه يعرفه، ولو كان
ذلك قبل يوم من كتابة مقالك، وإن لم يوجد فقد يكون معك بعض الصواب، فلما نظرنا
وبحثنا وفتشنا، وجدنا أن الشيخ تحدث عن الحديث قبل واحد وعشرين سنة، أي قد مر على
ذلك قرابة نصف عمرك، وربما أنك حينها لم تكتب مقالا بعد، فكيف إذن نقول إنه كان
جاهلا بالحديث في النافلة، وهل كنت تقصد هذا المعنى عندما نسبت إليه عدم معرفته
بالحديث في المقال الأول؟، أم أنه تخريج ظهر لك بعد أن أحسست بالحرج من كونك تجهل
أن الشيخ قد قام بتخريج حديث علي رضي الله عنه.
فلا مخرج لك يا شيخي الكريم إلا الاعتراف بخطئك، والإقرار بتسرعك،
وتقصيرك في البحث والتتبع، وهذا لا يزيدك والله إلا رفعة وعزا.
السقطة الثانية:
قال أستاذي: (وأخونا منير
أسقط من كلامي السابق جملة يعرف خطورتها المشتغلون بعلم الحديث، حيث قلت بعد
الكلام الذي نقله: (فحديث أمير المؤمنين في سنن الترمذي ومسند أحمد، وهما أشهر من
المصادر التي خرجت حديث ابن مسعود)
فلماذا بترها؟ لأنها تؤكد تهاون الحويني، إذ من العيب عند المحدثين
أن تترك حديثا في كتب أصيلة مثل المسند وسنن الترمذي، وتذكر ما في كتب هي أحطّ
رتبة من الكتب الستة.) انتهى.
أولا: تواضع منك أن تصفني بالأخ وأنت معلمي وأستاذي في
"التيسير".
ثانيا: ما لا يفهم من دروسك هذه، هو محاولتك الدائمة والمستمرة إلصاق
تهمة البتر بي، وأنا بريء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف عليه الصلاة والسلام، وسبب
هذه الافتراءات يعود دائما لعدم تحريرك محل النزاع كعادتك.
فأنا هنا بصدد ردي على قولك بأن الحويني لا يعرف حديث علي رضي الله
عنه، لا عن المصادر التي خرج منها الحديث، فهذا موضوع، وذاك موضوع آخر. وقد تبين
أنه يعرفه من خلال تحقيقه لفضائل القرآن لابن كثير، فانتهى الكلام، وبرئ من
الملام، وانتهت الجولة بالضربة القاضية، لذلك سأننتقل لجولة أخرى.
ثم أقول أيضا: كان عليك أن تخفي كلامك هذا الذي ادعيت بأنني قمت
بإسقاطه، لأني كنت قد نسيت التعليق عليه في "السلسلة"، وقد صدق فيك
المثال العربي الشهير: «على نفسها جنت براقش».
وكيف أسقطه وهو حجة عليك، يبين مدى تسرعك في إصدار الأحكام، والعجيب
أن هذا يقع منك حتى بعد أن أرشدتك إلى كتاب الفضائل لابن كثير، وفيه تخريج الحويني
للحديث من المسند وسنن الترمذي، حيث تجد ذلك في هامش التحقيق ص: 43 و 44، كما تجد
في الصفحة 44 نقلا لكلام وتعليق الترمذي على الحديث، بل إن الحويني قد قام
بالترجيح بين المخطوطات المختلفة حول نص الحديث بما يتوافق مع رواية الترمذي كما
في هامش ص: 55. فما رأيك الآن يا شيخ! ... يا له من مأزق هذا الذي أوقعت نفسك فيه
وأنت الذي تدعي رجوعك للكتاب!
السقطة الثالثة:
تساءل شيخنا سؤالا محيرا فقال: (ونحن نتساءل: لماذا أوهم صديقنا
القراء أن حديث معاذ مذكور في "الفضائل"؟ أو على الأقل: لماذا لم ينبه
على عدم وجوده هناك؟ ).
قلت: الجواب يا شيخي الكريم في نص المقال الذي صححتَ منه خطأ
إملائيا، حين قلتُ: « وكتاب "التسلية" غير متوفر لدي الآن، لدى ـ هكذا
في الأصل والصواب لذا كما صوبه "ابن الأزرق" ـ لم أستطع الرجوع إلى كلام الشيخ الحويني هناك،
لذلك لا يمكن الجزم بأنه لا يعرف رواية معاذ رضي الله عنه أيضا.». ولن أزيد في
التعليق على هذا الكلام إلا بقولك الذي ذكرته أنت بعده (أليس هذا وجها آخر من
التدليس؟)
السقطة الرابعة:
قال صاحبي: (فما قول الكاتب فيما نسبناه إلى شيخ مدرسته من تصحيح
حديث فضائل القرآن في كتاب النافلة والمنيحة موقوفا على سيدنا ابن مسعود؟
هل يسلّم بذلك أم لا؟ وإذا سلّم وأقرّ) قلت: أسلم وأقر.
ثم تابع قائلا: ( فإن شيخه مضطرب متناقض، لأنه قال عن الحديث في
التعليق على فضائل ابن كثير ص44: ولا يصح الحديث موقوفًا أيضًا، لعدم صحة الأسانيد
بذلك. اهـ )انتهى.
قلت: وافضيحتاه!..، فأما هذا فلا أقر به، لأن الحويني قال هذا الكلام
الذي ذكرتَ تعليقا على حديث علي رضي الله عنه، أما فيما يتعلق بحديث معاذ رضي الله
عنه فقد قال عنه في ص: 47، أي بعد ثلاث صفات فقط من الموضع الذي أخذ ت منه كلامك
السابق: « ورواية الوقف أرجح لأمر ذكرته في "التسلية" ».
وهكذا يتبين أنك رجعت فقط إلى الصفحة التي أرشدتك إليها في
"السلسلة"، ولم تكلف نفسك عناء قراءة ما قبلها ( أي ص: 43 ) لتعلم أنه
يتحدث عن حديث علي رضي الله عنه، ولا ما بعدها لتدرك حكمه على حديث ابن مسعود رضي
الله عنه...
فإذا تقرر ذلك، فلا أجدنك بعد مقالي هذا تتحدث عن التقصير يا شيخ!، وأنت
إمام المقصرين المتهاونين.
السقطة الخامسة:
قال: (وهو كلام لم نكن تنبهنا إليه عند كتابة المقال الأصل )
قلت: أليس هذا غفلة وتقصيرا على مذهبك، أم أنك تتأدب مع نفسك فتنسبها
لعدم التنبه، وترمي غيرك بالتقصير وإن كانوا مجتهدين غير مقصرين.
السقطة السادسة:
(ويبقى السؤال: لماذا صححه موقوفا على ابن مسعود في
"النافلة"، ثم نقض ذلك في "الفضائل"، ثم عاد وأقرّ جامع
"المنيحة" المؤلف بعد طبع "الفضائل" الموافق للنافلة؟ )
قلت: قد تبين للقارئ المنصف أن الشيخ صححه موقوفا أيضا في
"الفضائل" فلا اعتبار إذا لإرجاف شيخنا بهذه الأسئلة والإشكالات التي لا
تستند على أسس متينة.
السقطة السابعة:
قال أستاذي: (فهل يعترف الكاتب أن الحديث صحيح موقوفا عند شيخ
مدرسته؟ )
قلت: ومن يقول غير ذلك يا شيخنا؟، لكن هذه عادتك هداك الله، تطرح بعض
التساؤلات البديهة ظنا منك أنها إشكالات كبرى، وهي ليست كذلك إلا في مخيلتك.
السقطة الثامنة:
وقال أيضا: (ولما كان الوصف بحاطب الليل من أقبح التهم في مجال علم
الحديث، فصاحبنا ملزم بالحجة وإلا كان شاهد زور.
والحجة هي أن يذكر للقراء مثالا وحيدا على طريق ضعيف جدا أوردته في
مقالي لتقوية الحديث، فإن لم يفعل، ولن يفعل إلا إذا شاء العناد، وتقليد رموز
تياره، فهو أولى بالوصف وأحرى ) اهـ
قلت: سأذكره إن شاء الله في الحلقات القادمة من الرد على "
تصحيح حديث الفضائل" فتمهل ولا تتعجل، لأن الضربات الموجعة لم تأت بعد، حيث
سيتبين أن بعض الطرق التي أوردتها يا شيخ! ضعيفة جدا، إلا إذا شئت العناد والجدال،
وتقليد رموز مذهبك الجديد.
أما رميي بالتقليد، فهذا قول باطل سيتبين لكل قارئ منصف لبيب أنني
تنكبت سبيل المقلدين، وسلكت طريق المحققين في ردي عليك، حتى أنني أخالف الشيخ
العلامة الألباني رحمه الله أحيانا.
الدرس الثالث:
درس في تناقض وقصور الشيخ
الألباني رحمه الله:
السقطة الأولى:
قال
أستاذي: ( قول الشيخ: «وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات»، يستلزم أنه ضعيف ضعفا
خفيفا يرقى إلى الحسن بأي متابع أو شاهد يشبهه في الضعف، وهو ما ذكره الكاتب في
مقاله ظانا أنه يفيدنا، فله الشكر عليه.
فهو حكم أخف من قوله في أكثر من موضع عن طريق ابن مسعود: (ضعيف)، دون
اعتبار شواهده الكثيرة.
وهما معا، غير تصحيح الحديث موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه ) اهـ
قلت: لا تناقض ولا تعارض بين هذه الأحكام، فالأول ضعيف خفيف الضعف،
وحديث ابن مسعود مرفوعا ضعيف، لكنه صحيح موقوفا عليه رضي الله عنه، فأي تناقض هذا
يا شيخ!
السقطة الثانية:
قال "ابن الأزرق": (قال في سلسلة الأحاديث الضعيفة
(14/787): وقد وصله ... عبد الرزاق ... ومن طريقه الطبراني في "المعجم
الكبير" (9/39 1/ 8646) عن إبراهيم الهجري به موقوفاً، فهو الصواب.
وقال في ضعيف الترغيب والترهيب (1/431) عن رواية ابن مسعود من طريق
الهجري نفسه: وروي عنه موقوفاً، وهو الصحيح. هـ
فهل هو إسناد لا بأس به في المتابعات والشواهد؟ أم هو إسناد ضعيف؟ أم
صحيح موقوفا؟ ) اهـ
قلت: لا تعارض هنا يا شيخي الكريم، فقد قال في الضعيفة كما ذكرت: «عن
إبراهيم الهجري به موقوفا وهو الصواب»، وقال في ضعيف الترغيب والترهيب: «وروي عنه
ـ أي ابن مسعود ـ موقوفا وهو الصحيح ». ففي الموضعين يحكم على حديث ابن مسعود رضي
الله عنه بالوقف.
وجوابا على تساؤلك الذي طرحته أقول: الحديث لا بأس به في الطريق التي
ورد بها عن ابن مسعود مرفوعا، فيكون بالتالي ضعيفا لأن كل حديث لا بأس به في
المتابعات هو ضعيف في نفسه، سواء أقلنا إن ضعفه خفيف، أم اكتفينا فيه بوصف الضعف
فقط، وإذا كان الأمر كذلك ـ وهو كذلك ـ فلا غرو إذا أن يقول إن الحديث صحيح السند
عن ابن مسعود موقوفا، لأن الذي رواه عنه أخطأ فرفعه.
ثم قلت يا أستاذي: (نعم، يمكنك أن تدعي تغير اجتهاد الشيخ ): لم
يتناقض الشيخ يوما ولم يتغير اجتهاده، وحكمه على الحديث واحد، ولكن فهم هذا
التعارض الموهوم يتطلب الإحاطة ببعض أسرار الصنعة الحديثية التي لا تدرك إلا
بالممارسة وطول النظر.
السقطة الثالثة:
قال شيخي: (جرت عادة الألباني في سلسلته الصحيحة أن يعطي للصحيح
موقوفا على ابن مسعود أو غيره حكم الرفع، إذا كان مما لا يقال بالرأي والاجتهاد،
كما في الأحاديث: 107 و642 و941 و1033 و1059 و1140...
فلماذا لم يعتبر الألباني موقوف ابن مسعود في فضائل القرآن من قبيل
المرفوع حكما، رغم أنه مما لا يقال بالرأي؟ أليس هذا تقصيرا أيضا؟ )
قلت: عجيب أمرك يا شيخ، ومحير منهجك وأسلوبك في نسبة التقصير لغيرك،
فإما أن أفعل ما تريد وإما أن أكون مقصرا، إما معك وإما ضدك، أليس رفع الحديث حكما
من قبيل الاجتهاد الذي تختلف فيه الأفهام وتتعارض حوله المدارك.
فلو أنك حكمت على حديث الفضائل بالرفع حكما كما فعل محققا "مختصر
استدراك الحافظ الذهبي على مستدرك أبي عبد الله الحاكم" لابن الملق في هامش
الجزء الأول ص: 471، لكان ذلك أمرا مقبولا له وجهه، ولربما وافقناك في ذلك، خاصة
وأن الحديث يحمل معاني لطيفة، وعبارات صادقة في وصفها للقرآن الكريم، وإن كانت
تشبه كلام الحكماء لا الأنبياء، لكنك سلكت طريقا وعرا، وهي طريق من يعتقد قبل أن
يستدل، الشيء الذي جعلك تقع فيما وقعت فيه من زلات حديثية.
السقطة الرابعة
أورد "ابن الأزرق" حديث ابن مسعود رضي اله عنه يرفعه: « إن
الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام ...» الحديث، وبين أن الشيخ الألباني قال عنه: «
صحيح لغيره »، إلى أن قال: (: قوله: (صحيح لغيره) يعني عند المبتدئ والمنتهي في
علم الحديث أنه مروي من طريقين حسنين، فترقّى إلى الصحيح لغيره.
وقد
صرّح بأن طريق أحمد والطبراني حسن، فيكون طريق الهجَري عن أبي الأحوص عن عبد الله
حسنا بمفرده حتما، وهو الطريق ذاته الذي يروي حديث ابن مسعود في فضائل القرآن.
فلماذا يا شيخُ تضعّف ذاك، وتحسّن هذا؟ أوَليس هذا تناقضا واضطرابا
إضافيا في الحكم على إبراهيم الهجري في كتاب واحد؟ وهل يستطيع شيعة الرجل أن
يأتوني بتفسير منطقي؟ ) اهـ.
قال منير: لنا على هذا الكلام المتهافت عدة ملاحظات:
الملاحظة الأولى: قلت يا شيخ: (وقد صرّح بأن طريق أحمد والطبراني حسن
).
قلت: هناك
عدة طرق للحديث، منها حديث عن ابن مسعود يرويه الإمام أحمد بسنده، والآخر عن سهل
ابن سعد، وكل منهما حسن وليس فيه لا "الهجري" ولا "أبو الأحوص"،
فارتقى الحديث بذلك إلى مرتبة الصحيح لغيره، وليس كما تبادر إلى ذهنك يا أستاذي من
أن طريق أحمد والطبراني واحدة، وأن طريق الهجري هي التي حكم بها الشيخ على الحديث
بكونه صحيحا لغيره.
ثم إن
هناك طريقا للهجري رواها الحميدي في مسنده 1 / 207 برقم: 98، من رواية سفيان عنه،
وقد علم أن سفيان خبر حديث الهجري، وبالتالي يمكن الاعتماد عليها في تحسين الحديث
من طريقه، أما رواية أبي يعلى برقم 5122 فهي ضعيفة لأنها من طريق محمد بن دينار (
المتكلم فيه وهناك من حسن حديثه عن الهجري ).
وفيما
يلي سرد مختصر لطريق الهجري:
رواه سفيان بن عيينة، وخالد بن عبد الله، ومحمد بن الفرات، ومحمد بن
دينار، حدثنا / عن إبراهيم الهجري أنه سمع أبا الأحوص يقول: سمعت عبد الله بن
مسعود يقول : الحديث.
وهذه الطريق عند الحميدي 1 م 207 برقم 98، والمستدرك 2 / 32 برقم
2221، والبيهقي في الآداب ص: 338 برقم 840، وأبو يعلى 9 / 57 ـ 58 رقم 5122، وشعب الإيمان
للبيهقي 9 / 404 برقم 6877، و 9 / 538 برقم 7067.
فطريق الهجري رواها عنه سفيان بن عيينة الذي أصلح كتابه وميز بين
المرفوع منه والموقوف، فهي صحيحة لذاتها، وهو نفس السبب الذي صحح به الألباني حديث
"الفضائل" موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه، فأين التناقض يا ترى.
الملاحظة الثانية: (وقد صرّح بأن طريق أحمد والطبراني حسن، فيكون طريق
الهجَري عن أبي الأحوص عن عبد الله حسنا بمفرده حتما، وهو الطريق ذاته الذي يروي
حديث ابن مسعود في فضائل القرآن. )
قلت:
لكن المشكل الحاصل في حديث "الفضائل" أنه اختلف فيه على الهجري، فمن
الرواة من رواه عنه بالوقف، ومنهم من رواه بالرفع، فرُفِع هذا الإشكال بترجيح
رواية سفيان بن عيينة الموقوفة لأنه من أثبت الرواة عن إبراهيم بن مسلم الهجري كما
بينت ذلك في "السلسلة".
الملاحظة
الثالثة: (فلماذا يا شيخُ تضعّف ذاك، وتحسّن
هذا؟ أوَليس هذا تناقضا واضطرابا إضافيا في الحكم على إبراهيم الهجري في كتاب
واحد؟ وهل يستطيع شيعة الرجل أن يأتوني بتفسير منطقي؟ )
قلت: قد أوردت لك تفسيرا علميا لما توهمت أنه اضطراب، فأرجو أن تكون
قد استوعبت الدرس جيدا يا شيخنا الجليل.
ولكي نعلم طريقة الشيخ الألباني، ونتأكد أكثر من أنه لم يناقض نفسه
هنا، يجب الإشارة إلى أنه قد ضعف رواية أبي يعلى في الصحيحة 1 / 842 رقم: 471،
التي من طريق محمد بن دينار عن الهجري عن ابن مسعود رضي الله عنه: الحديث يرفعه.
السقطة الخامسة
لقد أسقط "ابن الأزرق" من كلامي مقطعا مهما ينسف جميع
الإشكالات التي أوردها بعده، ومع أنني أروم دائما في ردودي الاختصار، مع تنكب
الحشو والإطناب، إلا أنني مضطر لنقل كلامه كاملا ثم بيان الجزء الذي حذفه منه.
قال شيخي فيما نقله عني: وقال الكاتب: (الشيخ الألباني جعل الجزء
الأخير من حديث الباب كشاهد لحديث ابن مسعود رضي الله عنه يرفعه : "اقرءوا
القرآن، فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف عشر ولام عشر
وميم عشر، فتلك ثلاثون"، وفرق بين الاستشهاد بجزء من الحديث الصالح للمتابعات
على صحة أو حسن حديث آخر، وبين تحسين الطريق الوارد بها ذلك الجزء (...) وكل من
يفهم كلام المحدثين واصطلاحاتهم يعي تماما أن هناك فرق بين تحسين أو تجويد الحديث
...).
ثم استشكل قائلا: (فلماذا ضعّف إمامك حديث فضائل القرآن في مواضع
كثيرة من كتبه، دون أن يستثني تلك الفقرة؟ ) اهـ، والزيادة المشار إليها هنا هي
قوله صلى الله عليه وسلم: « "اقرءوا القرآن، فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا
أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر، فتلك ثلاثون" »
وهذا هو الجزء الذي أسقطه من كلامي، ولم يرفع به رأسا، سواء كان ذلك
منه جهلا أو بترا أو قصدا، والذي يجيب على هذا التساؤل الذي طرحه، حيث قلتُ: («
ثانيها: قول الألباني رحمه الله إن الحديث لا بأس به في المتابعات لا يعني أنه
حسن، بل هو ضعيف في نفسه، قد ينجبر ضعفه إذا عضدته رواية أو روايات أخرى، أما مجرد
الحكم على حديث ما بأنه يصلح أن يكون شاهدا لغيره لا يدل على تحسينه عند من صدر
منه هذا الحكم.
ثالثها: قول "الأنجري" : ( لكنه ناقض نفسه، فضعفه في
"سلسلة الأحاديث الضعيفة" تحت رقم6842).
قلت: ليس هناك أي تناقض فقد قال رحمه الله هناك: « لكن الشطر الأخير
من الحديث قد توبع الهجري في رفعه، كما توبع عليه أبو الأحوص أيضاً؛ كما هو مبين
في " الصحيحة " (3327) »، فهو يتحدث هنا عن الزيادة المذكورة في آخر
الحديث محل النزاع، والذي ورد بطرق عن ابن مسعود مرفوعا وموقوفا كما بينه الشيخ
هناك فليراجعه من شاء أن يتذوق شيئا من روعة علم الحديث الشريف.
ومما يؤكد ما ذهبت إليه قول الشيخ رحمه الله في تحقيقه لكتاب "
الترغيب والترهيب للمنذري 2 / 589 : « الشطر الأخير منه صح من طريق أخرى تراه هنا
في الصحيح »، وقوله في 2 / 590: « لكن الجملة الأخيرة قد توبع عليها كما حققته في
الصحيحة ».
وهكذا يتبين لنا أن الشيخ رحمه الله لم يحسن الحديث يوما، ولم يتناقض
في كلامه أبدا، بل كلامه كله يصدق بعضه بعضا») اهـ.
ثم بعد ذلك يطرح إشكالا عظيما مهيبا، لا يستطيع مخالفه رده في
اعتقاده، والحال أن جوابه مبتوت في المقطع الذي بتره وأسقطه كما سيتبين من خلال
سقطته التالية:
السقطة السادسة:
قال مستشكلا: ( فلماذا ضعّف إمامك حديث فضائل القرآن في مواضع
كثيرة من كتبه، دون أن يستثني تلك الفقرة؟
ولا تقل: إنه أشار إلى حسنها واستثنائها لما قوّى بها حديثا آخر، إذ
الجواب: كان على الشيخ أن يستثني الفقرة عند الكلام على حديث ابن مسعود أصالة لا
تبعا، وسكوته أوحى لمقلّدته وشيعته بضعف الحديث كاملا )
قلتُ: في الكلام الذي أسقطته أبلغ جواب بأقصر عبارة، فالألباني رحمه
الله قد أشار إلى تضعيفه للحديث عند كلامه على حديث ابن مسعود أصالة كما اقترحتَ،
وقد حصل منه ذلك في ثلاث مواطن، ولن أطيل في إعادة ما نقلته عن الشيخ هناك، فليس
بينك وبين الحق إلا ضغطة زر ترجع من خلالها لقراءة بضعة سطور أعلى الصفحة، أو
الرجوع إلى كلام الشيخ في "الضعيفة"، أو في تحقيقه للترغيب والترهيب
وتقرؤه كاملا إلى نهايته.
السقطة السابعة:
ثم أردف شيخنا في مقاله، في موضع قبل الموضع الذي أوردته في السقطة
الماضية، ـ وقد قدمت كلامه الذي بالأعلى لارتباطه بما قبله دون مراعاة الترتيب ـ
فقال :( أما علته فهي عدم استيعابه للفرق بين قولنا: "يميل إلى تحسين
الحديث"، وقوله: "حسّن الحديث"، وقد شرحنا ذلك آنفا.) اهـ.
قلت: كأن هذا اصطلاحا خاصا بك تخالف فيه جماهير المشتغلين بعلم
الحديث، فإنهم لا يذكرون هذه العبارة إلا إذا كانت ألفاظ من نسبت إليه غير صريحة
في التحسين، أو يكون قد ضعفه أولا ثم ظهر له أنه حسن لسبب من الأسباب، فنقول أنه
كان ضعيفا عنده ثم مال إلى تحسينه بعد أن وجد له متابعا، فتكون النتيجة واحدة يا
شيخ!، وهي أن قولنا: يميل إلى تحسنه قريبة إن لم تكن مماثلة لقولنا: حسن الحديث،
فتنبه!، ولا تجعل العصبية تعمي بصيرتك. وتذكر أن من آداب الاختلاف القدرة على
الاعتراف بالخطأ، والإقرار بتصويب الآخر إذا تبين صوابه، وهو ما تدرسه لأبناء
المسلمين في درس "الاختلاف"!
السقطة الثامنة:
قال كلاما طويلا لا فائدة ترجى منه إلا التشغيب، وكي لا أطيل على
القراء سأنقل أوله و آخره، ومن أراد الوقوف عليه فليرجع إلى موضعه من مقال
"التيسير".
قال : (وأما الدعوى بأن إمام مدرسته يضعّف حديث "اللّيّن"
دائما، فهي خرافة ... وغالبا ما تستعمل في حق من اتهم في عدالته لتدليس ونحوه،
لنفي الكذب عنه، وابن المهاجر من هذه البابة كما يعلم من ترجمته ) اهـ
قلتُ: كلام الشيخ ليس فيه أي تناقض بل يؤكد ما ذهبتُ إليه سابقا،
لأنه حكم على رجال السند بأنهم من رجال مسلم واستثنى ب "غير" بشيرا بن
المهاجر، أي أنه ليس من رجال الشيخين.
كما أن قولهم « رجال السند رجال مسلم » ليس تصحيحا للحديث، فغاية ما
فيه هو الإشارة إلى توفر شرط واحد من شروط الصحة وهو العدالة، فتبقى شروط أخرى يجب
على الباحث إثباتها كالاتصال وعدم الشذوذ...
وقول الألباني: « وقد خولف
في إسناده »، يدل على تعليله للحديث بسببه، والدليل: هو أنه صحح الحديث في نهاية
البحث بمجموع طرقه وليس بالطريق التي قال عنها الحاكم والذهبي على شرط مسلم، حيث
قال في الصحيحة 1 / 220: « وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح بلا ريب،
وتوقف الحافظ ابن حجر في ثبوته إنما هو باعتبار الطريق الأولى. والله أعلم.».
فهذا نص كلامه الذي لم تتجشم عناء قراءته لنهايته، يدل على أن الشيخ
لم يصحح ولم يحسن حديث اللين، بل ضعفه بمفرده بدليل إقراره لتوقف الحافظ في عدم
قبول الحديث باعتبار الطريق الأولى.
نصيحة وتنبيه: أقترح على شيخي "ابن الأزرق" عدم الخوض معي
في منهج واصطلاح الشيخ الألباني فإني سبرته سبرا، ولم أطلق القول بعدم قبوله رواية
"لين الحديث" إلا بعد استقراء شبه كلي لأحكامه على من كان هذا وصفه.
أما قولك يا شيخ: (إن الغالب على أحكام الألباني هو تضعيف الأحاديث
التي يجد في أسانيدها راويا لين الحديث عند ابن حجر، لكنه يشذّ ويناقض نفسه
أحيانا، لأسباب لا ندريها، فيصحح أو يحسن رواية "لين الحديث" )
فهذا كلام متهافت يعلم بطلانه كل من خبر كتب ومقالات الشيخ الألباني،
سواء كان عدوا أم حبيبا، فالشيخ أبعد الناس عن التقليد، بل إن أول ما تعلمناه منه:
هو أن التقليد أحد أسباب التخلف العلمي والحضاري الذي تعاني منه الأمة، فلا سبيل
لنا إذا إلا التحرر من قيوده، لكن شخي "ابن الأزرق" عنده خلط كبير بين الإتباع
والتقليد، لأن الإتباع لا يكون إلا بالدليل، أما التقليد فيكون بالدليل أو بدونه.
وموافقة الألباني لأحكام ابن حجر لا تكون عن طريق التقليد، وإنما عن
سبر وتتبع، ولا يشذ عن هذا إلا إذا لم يجد في الراوي إلا قول اين حجر أو غيره.
أما قولك: (وهذه أمثلة يبدو
أن الكاتب لا يعرفها )
قلت: بل وقفت عليها يا شيخ، ولم أصدر حكمي السابق إلا بعد تتبع جل
الأحاديث التي حكم على رواتها باللين.
مباحث من فضول الكلام
أورد شيخي مباحث متفرقة أراد من خلالها أن يبين تناقض العلامة
الألباني رحمه الله في الحكم على الأحاديث، فأتي بغرائب وعجائب لا يغبط عليها.
وكنت سأضرب صفحا عن الرد عليها، إذ ليس الهدف منها إلا التشغيب والتلبيس
على قرائه الذين يعجبون بكثرة طرحه للإشكالات والتساؤلات، بل والاستنتاجات التي
تشبه أحيانا استنتاج من يردد فرحا بما توصل إليه عقله بعد أن علم أنّ شخصا ما ليس
بداخل الغرفة أو المنزل فيقول: « بما أنه ليس في الغرفة، إذا فإنه خارجها »، نعم
يا نبيه ! هكذا تكون النتائج والخلاصات والاستنتاجات.
وكلما قرأت مثل هذه المباحث لشيخي ـ وهي كثيرة في كتاباته ـ كلما
تذكرت قول ابن مهدي : « إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة»[1].
وبناء عليه فإنني سأنقل كلامه ثم أعلق عليه بما يحتاجه:
السقطة الأولى:
قال "ابن الأزرق": ( ومن تناقضات الألباني أنه ضعّف الحديث
2576 من "السلسلة الضعيفة" بابن المهاجر، فقال: هذا إسناد ضعيف، رجاله
ثقات رجال الشيخين غير بشير بن المهاجر فهو من رجال مسلم وحده، ولكن فيه ضعف قال
الحافظ: "صدوق، لين الحديث". وترجمه الذهبي في "الميزان"،
ونقل عن أحمد أنه قال: "منكر الحديث، يجيء بالعجب". هـ )
قال منير: أين هو التناقض هنا، فالألباني يضعف حديث راو ضعفه
مترجموه، وقال فيه أحمد: منكر الحديث قد اعتبرت أحاديثه، فإذا هو يجيء بالعجب.
«ضعفاء العقيلي» (176) ، وقال أبو حاتم : (لا يحتج به ) الميزان 1 / 130، هذا بالإضافة إلى حكم
الحافظ بن حجر العسقلاني عليه.
فإذا سلمنا أنه قلد ابن حجر
في ذلك، فما العيب في الاعتماد عليه في نقد الرجال، وكيف ينكر عليه أخذه بقوله، وهو
الذي وصفه السيوطي في "التدريب" بشيخ الإسلام، ومن ذا الذي لا يأخذ برأيه
في هذا الفن إلا مغرض، والحال أن الحافظ رحمه الله عنده شبه إحاطة بأقوال واصطلاحات أئمة هذا الشأن.
السقطة الثانية:
قلت يا أستاذي عافاك الله من التلبيس: ( ومن قارن بين ترجمتي إبراهيم
الهجري راوي حديث فضائل القرآن، وترجمة ابن المهاجر، يدرك أن الأول أقوى منه
بكثير، ومع ذلك فإن الألباني يضعّف له).
منير: وماذا بعد ؟! وما الغريب في هذا الأمر، فهما ضعيفان، ولا شك أن
أحدهما أضعف من الآخر، وهو يضعف لهما معا، فأين التناقض.
السقطة الثالثة:
وقال شيخي أيضا: (المثال الثاني: قال عن إسناد حديث: "أول من
يغير سنتي رجل من بني أمية" تحت رقم 1749 من الصحيحة: وهذا إسناد حسن، رجاله
ثقات رجال الشيخين غير المهاجر وهو ابن مخلد أبو مخلد، قال ابن معين: " صالح
". وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الساجي: "صدوق".
وقال أبو حاتم: " لين الحديث ليس بذاك وليس بالمتقن، يكتب حديثه ". قلت:
فمثله لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن. هـ
قال الأنجري: سبحان الله، راو يقول عنه أبو حاتم الرازي ذلك كله،
ويشير ابن معين إلى تليينه بصيغة "صالح" )
قلت: يا للهول، فهم شيخي من قول ابن معين " صالح" أنه
تليين منه للراوي، وهذا لا يقول به أحد، فقولهم: "صالح"
من صيغ التوثيق عند أكثر المحدثين وإن اختلفوا في رتبتها، إلا أبو حاتم ـ فيما
يحضرني الآن ـ كما نص على ذلك ابنه في مقدمة "الجرح والتعديل"،أضف إلى
ذلك أن الذهبي اعتبر قول ابن معين توثيقا كما في الكاشف 2 / 299، وكذا الهيثمي في
مجمع الزوائد حيث قال عن حديث فيه "عطية العوفي" 7 / 314، ح: 12394:
«وفيه عطية العوفي وهو ضعيف، ووثقه ابن معين»، وقد قال ابن معين عن
"عطية": صالح[2]،
وكذلك الأمر بالنسبة لابن القطان الفاسي، حيث نقل عنه الزيلعي في "نصب الراية"
أنه قال 4 / 68: « وعطية العوفي مضعف، وقال ابن معين فيه: صالح، فالحديث به حسن ».
فتبين من خلال الأقوال السابقة أن الرجل قد عدله ابن معين، والساجي،
وابن حبان وهو وإن كان مشهورا بتساهله لكن ذلك مقيد بما خالف فيه غيره أو انفرد
بتوثيقه.
فلم يبق إذا في الجهة المقابلة ما يتمسك به "الأنجري" إلا
قول أبي حاتم، أليس كذلك يا شيخ؟ .. لكن لا تفرح كثيرا فسرعان ما يتبن لك أنك كنت
تستند على جرف هار، لا تفسير له إلا ضعف إحاطتك بمناهج ومصطلحات المتقدمين، كما
يتأكد لي ذلك كلما تتبعت كلامك في فهم وتفسير ما تنقله عن النقاد.
وفيما يلي شرح وتفسير لكلام أبي حاتم الذي لم تحط به علما:
قال أبو حاتم عن "المهاجر بن مخلد"في "الجرح
والتعديل" لابنه: « لين الحديث، ليس بذاك، وليس بالمتين، شيخ يكتب حديثه ».
قلت: سأقوم بشرح كلام أبي حاتم هنا من خلال ثلاث نقاط رئيسة:
الأولى منهما تتضمن نبذة عن منهج أبي حاتم في الجرح:
قلت: قد عرف أبو حاتم رحمه الله بتعنته في التجريح.
قال ابن تيمية في مجمع الفتاوى 24 / 350، والفتاوى الكبرى 3 / 53: «و
أما قول أبي حاتم "يكتب حديثه ولا يحتج به"، فأبو حاتم يقول مثل هذا في
كثير من رجال الصحيحين. وذلك أن شرطه في التعديل صعب. والحجة في اصطلاحه، ليس هو
الحجة في اصطلاح جمهور أهل العلم».
وقال ابن حجر في مقدمة الفتح ص: 441: «أبو حاتم عنده عَنَتٌ».
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ 2 / 420: «قد عُلِمَ تعنُّت أبي حاتم في
الرجال». وقال في السير 13 / 260: « إذا لَيَّن رجلاً أو قال فيه "لا يُحتجُّ
به"، فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه. فإن وثقه أحدٌ، فلا تبنِ على تجريح أبي
حاتم، فإنه مُتَعَنِّتٌ في الرجال. قد قال في طائفةٍ من رجال الصحاح "ليس
بحجة"، "ليس بقوي"، أو نحو ذلك».
وهذا معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف، وفيما نقلته من كلام الأئمة
غُنية عن ذكر غيره وهو كثير.
أما الثانية فتتضمن شرحا وتفسيرا لكلام أبي حاتم:
فأقول: بعد أن تقررت حدة أبي حاتم رحمه الله في التجريح، بقي أن نعرف
أنه ذكر هنا ألفاظا تحتمل التجريح كما تحتمل التعديل، فقال عن المهاجر: " لين
الحديث" وهذه العبارة تطلق على من يصلح حديثه للنظر والاعتبار.
وقال عنه: " شيخ"، وهي في المرتبة الثالثة من مراتب
التعديل، يكتب حديثه وينظر فيه، بمعنى أن حديثه حسن إذا لم يخالف، كما ذكر ابن أبي
حاتم في المقدمة المشار إليها سابقا.
ووصفه أيضا بقوله: " ليس بذاك" و "ليس بالمتقن"
كما نقل عنه ذلك العلماء في كتبهم خلافا لما في "الجرح والتعديل" في
النص الذي نقلته أعلاه حيث قال: « ليس بالمتين».
فماذا يقصد أبو حاتم بقوله " ليس بالمتقن" أو "ليس
بالمتين"، هل نلحقه بلين الحديث أم بشيخ؟
لقد وجدت أبا حاتم كثيرا ما يقرن بين قوله: ليس بالمتقن أو ليس
بالمتين وقوله شيخ، نجد ذلك في ترجمة عثمان بن الحكم الجذامي 6 / 148، كما نجده في
ترجمة حكيم بن سيف الرقي 3 / 205 حيث قال :
« لا بأس به، هو شيخ صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالمتين »، فقد قال
"لا بأس به" و" صدوق" وهما في المرتبة الثانية من ألفاظ
التعديل، وهي مرتبة من يكتب حديثه وينظر فيه.
وقال عن عبد الله بن عياش 5 / 126: « ليس بالمتين، صدوق، يكتب حديثه،
وهو قريب من ابن لهيعة ». وحال ابن لهيعة أشهر من أن يذكر.
وسأكتفي بهذا القدر من كلام أبي حاتم مع وجود غيره، مما يستدل به على
أن العبارة التي وردت في المهاجر لا تحتمل إسقاط روايته عن الحسن، والله أعلم.
ثم وجدت في "الموقظة" للذهبي كلاما يوافق هذا الذي قررته
أعلاه، حيث قال في ص: 83: « وبالاستقراء،
إذا قال أبو حاتم: "ليس بالقوي"، يريد بها: أن هذا الشيخ لم يبلغ درجة
القوي الثبت».
النقطة الثالثة: المقصود بقولهم ليس بالقوي أو ليس بالمتين عند علماء
الحديث
قال الحافظ الذهبي في الموقظة ص: 82: « وقد قيل في جماعات: "ليس
بالقوي، واحتج به". وهذا النسائي قد قال في عدة: "ليس بالقوي"،
ويخرج لهم في كتابه. قال: "قولنا: (ليس بالقوي) ليس بجرح مفسد"»، ثم بين
بعد ذلك أهمية الوقوف على معاني عبارات المحدثين فقال: « والكلام في الرواة يحتاج
إلى ورع تام، وبراءة من الهوى والميل، وخبرة كاملة بالحديث، وعلله، ورجاله. ثم نحن
نفتقر إلى تحرير عبارات التعديل والجرح، وما بين ذلك من العبارات المتجاذبة. ثم
أهم من ذلك، أن نعلم بالاستقراء التام عرف ذلك الإمام الجهبذ، واصطلاحه، ومقاصده،
بعباراته الكثيرة».
وهذه العبارة تعد في المرتبة الأخيرة من مراتب الجرح عند الجميع[3]، إلا
أن القول برد رواية صاحبها ليس على إطلاقه، فقد علق عليها الشيخ عبد الفتاح أبو
غدة رحمه الله في حاشية "الرفع والتكميل" ص: 154، وأومأ إلى عدم الركون
إلى رد رواية من قيل فيه "ليس بالقوي"، ثم أشار إلى قول ابن تيمية في
" الفتاوى الكبرى" 6 / 159: « وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال هو
ضعيف ليس بالقوي لكن هذه العبارة يقصد بها أنه ممن ليس يصحح حديثه بل هو ممن يحسن
حديثه، وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفا ويحتجون به؛ لأنه حسن إذ لم يكن الحديث
إذ ذاك مقسوما إلا إلى صحيح وضعيف، وفي مثله يقول الإمام أحمد الحديث الضعيف خير
من القياس يعني الذي لم يقو قوة الصحيح مع أن مخرجه حسن».
أقول هذا، مع العلم أن ابن حجر رحمه الله اعتبر قول أبي حاتم هذا
تليينا منه للمهاجر ( لسان الميزان 7 / 400 ) لأنه اعتمد على هذه العبارة المنقولة
عنه ( تهذيب التهذيب 10 / 323 )، وهي: « وقال أبو حاتم لين الحديث ليس بذلك وليس
بالمتقن يكتب حديثه ».
وأيا كان الأمر فإن جمع أبي حاتم بين قوله لين التي تعني أنه لا يقبل
إلا في المتابعات، وبين شيخ وليس بالمتين أو ليس بالمتقن التي ألحقناها بشيخ، وهذا
وصف من يحسن حديث صاحبه، فيكون بذلك هذا الراوي ضعيفا عنده لكنه ليس شديد الضعف في
أسوء الأحوال. والله أعلم.
وبالتالي يجتمع لدينا قول لأبي حاتم يمكن أن ندخله في دائرة الجرح
الخفيف، وتوثيق لثلاثة من أئمة هذا الشأن، وهم: ابن معين والساجي وابن حبان،
فتحسين حديث من كان هذا حاله يدخل في دائرة الاجتهاد، والله أعلم، قال الذهبي في الموقظة ص: 28 - 29:
« لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها، فأنا على إياس من ذلك!
فكم من حديث تردد فيه الحفاظ: هل هو حسن؟ أو ضعيف؟ أو صحيح؟ بل الحافظ الواحد
يتغير اجتهاده في الحديث الواحد: فيوما يصفه بالصحة، ويوما يصفه بالحسن، ولربما
استضعفه!
وهذا حق، فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يرقيه إلى رتبة
الصحيح. فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما، إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما. ولو انفك عن ذلك،
لصح باتفاق».
طلب وتنبيه: أطلب منك أستاذي العزيز أن يكون
موضوع درسك القادم في "التيسير" ضبط المصطلحات الحديثية، حتى تراجعها ونراجعها
معك، فآفة العلم النسيان.
وقال "ابن الأزرق": ( وهما أعلم بالرجال من الحافظ ابن
حجر، ويضعفه غيرهما ضعفا مفسّرا، (لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن)، وراو يليّنه
الحافظ المتأخر جدا عن زمن النقد والرواية ضعيف عند الألباني، وهكذا يكون العلم.)
قلت: ما سقت كلامه هذا إلا ليتبين لكل منصف لبيب بعد طريقة شيخي
الحبيب عن مناهج المحدثين، فأي منطق هذا الذي يتحدث به "ابن الأزرق" ؟،
ألا يعلم أن المتأخر الذي أحاط بأقوال المتقدمين وسبرها يكون قوله حجة في هذا
الباب، لأنه قد اجتمع لديه من الأقوال ما لم يجتمع لغيره.
ثم من هو هذا المتأخر الذي يلمزه أستاذي هنا، أليس هو ابن حجر الذي استقرأ
كلام المتقدمين، وأحاط به خبرا، حتى وصفه السيوطي في "التدريب" بشيخ
الإسلام، وإذا أطلق المحدثون لفظ الحافظ فلا يقصدون به إلا ابن حجر العسقلاني، فمن
كان هذا حاله، فتقليده ـ إن قلنا أن الألباني يقلده ـ يكون بمثابة طوق نجاة في بحر
هذا العلم المدلهم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى
نقول: لو كان الألباني يقلد الحافظ تقليدا أعمى لما حسن حديث المهاجر، لأن الحافظ
يقول فيه : « مقبول »، وقد بين في مقدمته أن من قال فيه: "مقبول" أي في
المتابعات، وبالتالي لا يكون حديثه حسنا لذاته عنده.
تنبيه: أقول هذا مع العلم أن الحافظ نفسه قد جعل حديث المهاجر نموذجا
للحديث الحسن لذاته في النكت 1 / 89.
ثم ماذا لو علم أستاذي أن هناك من صحح حديث "المهاجر" قبل
ابن حجر وأبي حاتم وابن معين، ماذا لو تبرعت عليه كعادتي بدون من ولا أذى، ووهبته
علما لن يجده عند غيري، وهو من فوائد شيخنا الألباني ـ رحمه الله ـ، الذي أشار إلى
أن الشافعي رحمه الله صحح حديث المهاجر.
قال البيهقي في " معرفة السنن والآثار" 2 / 109: « قال
الشافعي في رواية حرملة: وإنما أخذنا في التوقيت بحديث المهاجر , وكان إسنادا صحيحا»،
كما أن البخاري وصف حديثه بالحسن ـ وهو حجة رغم أنف كل شيعي أو متشيع حاقد ـ، فقد
قال الترمذي في العلل الكبير ص: 54 ـــ 55: « سألت محمدا فقلت:
أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح على الخفين؟ قال: حديث صفوان بن عسال،
وحديث أبي بكرة حسن »، قلت: وهو من طريق: المهاجر بن مخلد.
تنبيه: اجتهد الكثير من الباحثين للوقوف على معنى قول البخاري رحمه
الله عن حديث ما : "حسن"، بين من اعتبره صحيحا عنده، ومن اختار أنه فرد،
ومن جعله كنفس المعنى الذي يريده الترمذي باعتباره أول من عرف عنه استعمال هذا
المصطلح في مصنفاته، وغيرها من الآراء التي تحتاج إلى نفس طويل لتحريرها ليس هذا
موضعه ومحله.
قال : ( وهناك
أمثلة على اضطراب الشيخ في "لين الحديث" عند ابن حجر، لا نطيل بعرضها،
ويكفي هذان لتعليم الكاتب شيئا من تناقضات شيخه، ولردعه عن الادّعاء قبل البحث
والتنقيب ).
قلت: ليس هناك أي تناقض، فالشيخ يضعف "لين الحديث" عنده
وليس عند ابن حجر كما ذكرت، ومشكلتك هنا أنك تجازف برمي الغير بتهم باطلة، ثم تبني
عليها أحكاما فاسدة، وبما أنك انطلقت من مقدمة خاطئة، حيث اعتبرت أن الشيخ
الألباني يقلد أو يعتمد على ابن حجر اعتمادا كليا، فإن النتيجة التي ستتوصل إليها
ستكون خاطئة ولا ريب، والعجيب والغريب والمهول الذي تكاد تشيب له الولدان، أنك
ستذكر دليلا على أن الألباني يخالف ابن حجر في أحكامه، ثم تعتبر ذلك تناقضا من
الشيخ رحمه الله، بناء على حكمك السابق بأنه يقلده، في حين أن ذلك حجة لنا عليك،
فكيف لم تنتبه إلى ذلك؟! إنه التعصب يا شيخ !
وهذا نص كلامك الدال على أن الألباني لا يعتمد إلا على اجتهاده حيث
قلت: (والألباني يدري ذلك وينتقد الحافظ أحيانا على قوله في بعض الرواة:
"ليّن الحديث" ) ثم عنونتَ
عنوانا كبيرا بقولك: ( وهاك شاهدا على أن الألباني عارف بحقيقة "التقريب")
قلت: لو شئت لأتيتك بشواهد على ذلك وليس شاهدا واحدا فتنبه!، ولا
تهاجم وأنت في ملعبي، فإن دفاعاتك ضعيفة جدا يسهل اختراقها، ولا تخاصمني في
اصطلاحات وتصرفات الشيخ العلامة الألباني لأنها جزء من تخصصي، واعلم أن لعبتك قد
كشفت، وتلبيسك قد ظهر، ونجمك قد أوشك على الأفول.
ليختم هذا الجزء من مقاله بمثال صادم لشيعة الشيخ الألباني كما سماهم!،
وهو حجة عليه أيضا، يبين أنه رحمه الله كان يعتمد على أقوال الحافظ كغيره من
المحدثين، لكنه كان يستدرك عليه إذا تبين له مجانبته للصواب، وليس في ذلك أي عيب
ولا نقيصة.
أصح ما في التيسير:
أنهى شيخي "ابن الأزرق" مقاله بخاتمة في النحو والأمانة
والتحقيق، ليس فيها من الصحة إلا ما استدركه علي من أخطاء نحوية، جزاه الله عني
خيرا.
أما ما يتعلق بالأمانة، فقد تبين لكل قارئ منصف أنها دربي، وأنني لا
أنقل إلا ما يعود على الدرس بفائدة، مع مراعاة طبيعة المقالات التي كلما قل فيها
النقل كلما كانت أكثر جودة وفائدة علمية.
أما عن البتر فلا يسعني إلا أن أقول: ( رمتني بدائها وانسلت )!
وأما التحقيق، فيحتاج إلى عالم متمرس لا إلى طالب متحمس، ولكننا
نحاول السير على درب المحققين، حتى نصل إلى البر آمنين، مع الاستفادة من تجارب من
سبقنا من الأولين.
إلى أن قال: (والباحث المؤمن ينبغي أن يكون أمينا في النقل، لأن
المؤمن يطبع على الخلال كلها ما عدا الخيانة والتدليس).
وقد جربنا نحن عليك التدليس، فتابع باقي حلقات "السلسلة"
تجد فيها ما يضيق به صدرك، ويتوقف معه لسانك، وأما الخيانة فوصف لم أجربه عليك
بعد، وهو مما أتنزه عن إطلاقه عليك إلا ببينة ظاهرة لا تشوبها شائبة، ولا تخالطها
شبهة، وهي خلق ذميم يسقط عدالة صاحبه كليا، بخلاف التدليس، الذي عرف به الكثير من
العدول قديما وحديثا.
ثم قال أخيرا : (وارجع للتحدي الاضطراري المضمن في مقال: حديث
"جئتكم بالذبح"، فإنه موجه إليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
قلت: كنت قد رتبت مقالاتك
التي سأرد عليه ترتيبا عشوائيا، وكان من بينها مقالك المشار إليه الذي كنت قد
سجلته عندي ولم أطلع عليه بعد، وبما أنك قد أشرت إليه فإنه سيكون موضوع البحث
القادم بعد " تصحيح حديث الفضائل"، مع التنبيه على أنني سأنطلق كعادتي
في الرد عليك معتمدا الإنصاف والموضوعية، فإن كان الحق حليفك، والتحقيق دربك، فلا
يسعني إلا موافقتك، وإن كان غير ذلك فلا تلومن إلا نفسك، وأكرر مرة أخرى المثال
العربي الشهير: ( وعلى نفسها جنت براقش ).
خلاصة أخطاء "ابن الأزرق الأنجري" في تيسيره
بالإضافة إلى الأخطاء الثمانية التي ذكرتها في ثنايا هذا البحث،
والتي لخصتها مباشرة بعد الدرس الأول من دروسه، والمتعلق باصطلاح الحافظ المنذري
رحمه الله، هناك أخطاء كثيرة آثرت تركها إلى آخر هذا البحث، وقد حان الوقت لجمعها وإجمالها
بعد التفصيل:
1 ـ اضطرابه في الرد على عدم علمه بكلام الشيخ أبي إسحاق حول حديث
علي رضي الله عنه في تحقيقه لكتاب "فضائل القرآن" لابن كثير رحمه الله.
2 ـ ادعاؤه عدم تخريج الحويني لحديث علي من المسند وسنن الترمذي،
والواقع خلاف ذلك، حيث أنه أشار إلى رواية علي رضي الله عنه في المصدرين
المذكورين.
3 ـ اتهمني بعدم التنبيه على عدم وجود حديث معاذ رضي الله عنه في
"الفضائل"، والحال أنني أشرت إلى ذلك في "التيسير"
4 ـ ادعاؤه تناقض الشيخ بين تصحيح وتضعيف حديث معاذ موقوفا عليه،
وأوهم القراء بصحة موقفه بكلام للحويني عن حديث علي رضي الله عنه لا عن حديث معاذ
رضي الله عنه ( تلبيس وتدليس).
5 ـ اعترافه بعدم التنبه لكلام الحويني في "الفضائل" أثناء
كتابة المقال الأصل، وهذا عين الغفلة والتقصير على مذهب "ابن الأزرق"
واصطلاحه، وعندي أنه ليس فيه أدنى غفلة ولا تقصير، لأن هذا يقع من كل باحث مهما
بلغ من العلم.
6 ـ دعوى وجود تناقض بين تضعيف
وتصحيح الحديث موقوفا على ابن مسعود، وهذه دعوى باطلة، لأن الشيخ يحكم على حديث ابن
مسعود بالوقف في جميع كتبه.
7 ـ خلطه في كثير من القواعد الحديثية أثناء محاولته الاستدراك على الشيخ
الألباني في حكمه على بعض الأحاديث.
8 ـ ادعاؤه أن الألباني لم يشر إلى صحة الجزء المرفوع من حديث ابن
مسعود، والواقع الذي تشهد به كتب الشيخ والذي أشرت إليه في "السلسلة"
خلاف ذلك.
9 ـ بتره كلاما لي في "التيسير" يدل على ما أوردته في
السقطة رقم 8.
10 – تمسكه بالقول بأن عبارة" يميل إلى تحسينه" لا تحمل
نفس معنى قولنا: "حسن الحديث".
11 ـ قام بالتشغيب حول حقيقة تضعيف الألباني حديث "اللين"،
وأتى في ذلك بالعجائب.
12 ـ ادعاؤه تقليد الشيخ الألباني رحمه الله للحافظ ابن حجر وهذا قول
باطل، يمكن أن ينسب إلى كل باحث أو عالم أو محدث غير الشيخ الألباني، بل إن أشد ما
ينقمه عليه أعداؤه هو عصاميته وعدم تقليده بل واستدراكه على الأئمة قبله.
13 ـ خطؤه في فهم عبارات الجرح والتعديل عند العلماء، حيث اعتبر قول
ابن معين في أحد الرواة: "صالح" تليينا، وقد بينت أن هذه من عبارات التعديل
عنده.
14 ـ كثرة لمزه للحافظ ابن حجر رحمه الله.
خاتمة
وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذ "محمد بن الأزرق
الأنجري" على هذه الدروس التي أيقظت همتي، والتي لا تخلو من فائدة، ذلك أن
العلم يزكو بالمدارسة، ويستقر في القلب بكثرة الممارسة، لكنني أريد أن أقدم له
نصيحة ثمينة من تلميذه الذي خبره :« لا تتصدر تدريس علم المصطلح، فإنه فن متشعب،
كثير المنعرجات، سرعان ما يهوي بمن لم يضبطه إلى مكان سحيق ».
وإلى لقاء آخر مع مقالات "ابن الأزرق الأنجري"، ها هو صاحب
المقال يحييكم بتحية السلم والسلام: تحية المسلمين وأهل الجنة: السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.
كتبه: منير
المرود
خريج دار الحديث
الحسنية
0 التعليقات: